الأربعاء، 5 نوفمبر 2014

فاسئلوا اهل الذكر


بسم الله الرحمن الرحيم
(فاسئلوا اهل الذكر ان كنتم لاتعلمون) (النحل 43)
1.غريزة السؤال من الغرائز الطبيعية عند البشر وهي دليل نمو الجهاز الفكري وتطوره وتبدا حالة التساؤل عند المرء عندما يبدا بالشك في امر ما وهذا الشك نفسه دليل على تطور المستوى العقلي وهذه المرحلة تبدا عند الطفل عند الثالثة او حتى قبل فيسال ابويه او من حوله عما يلفت انتباهه وهذه السنة يسميها العلماء سنة التساؤل.
وهنا جملة أمور تربوية تجب على المربي تجاه الطفل لينمي هذه الطاقة ويوجهها منها عدم الكبح والاجابة بأسلوب مفهوم وتجنب الكذب .
2.للغزالي الذي عاش قبل 900 سنة عبارة تتردد في كتبه:(يكفي في الاقوال انها تثير الشك بموروثاتك وذلك لان مايلي هذا الشك هو البحث عن الحقيقة) .
كان يدرس في نيشابور ثم سافر الى بغداد واشتهر هناك في العهد السلجوقي فاصبح عميد المدرسة النظامية ببغداد حيث يشرح عن نفسه مامضمونه ان ما اكتسبته من معلومات هل عن طريق اليقين ام تقليدا للأستاذ واني قلت بصحتها لان الأستاذ الفلاني قال بصحتها او العكس!
واشتد هذا الشعور في نفسي وشغلني في كل لحظاتي فعرفت ان بحثي عن الحقيقة يتطلب مني ترك الزعامة بالمدرسة ولدى الحكومة وحتى ان ترك المدرسة فلن يتركه الناس وشانه لذا اعلن انه يبغي الحج وعندما خرج من بغداد اتجه غربا الى القدس متنكرا بملابس الدراويش وفجاة عرف العالم انه فقد الغزالي وبقي متخفيا عشر سنين وقد الف اهم كتبه بهذه الحقبة وذات يوم وهو في بيت المقدس ويسمع الناس يرددون الغزالي يقول كذا ويطرح كذا فقلت في نفسي لو تعلمون ان غزالي اليوم غير غزالي الامس .
3.قد يطرح البعض سؤالا هو مزيج بين الجهل والعلم أي انه يدرك وجود مجهول ولكنه لايعرفه ماهو فيسال عنه وهذا هو فرق الانسان عن الحيوان فهو يعلم انه لايعلم وهذا يسمى الجهل البسيط في حين يشترك الحيوانات مع الانسان المستحمر في قضية الجهل المركب (ان هم كالانعام بل هم اضل سبيلا) !
من هنا نعرف ان السؤال مفتاح العلم وان هذه الاستقصاءات هي هداية ورحمة الهية لكل طالب حقيقة وهذا ماقاله الامام الباقر (ع): (الا ان مفتاح العلم السؤال).
4.السؤال هو مقدمة لشيء وهذا اما يكون للبحث والتحقيق مثلا حول موضوع تاريخي او شخصية مشهورة او يكون السؤال للعمل أي كيف يعمل كذا .
اما كون السؤال لاهذا ولا ذاك فلا يجيز للإنسان ان يضيع وقته ووقت الاخرين لان مايجهله الانسان لانهاية له فهو محاط بعلامات الاستفهام وتتزايد يوما بعد اخر وكلما أجاب واحدة برزت له عشرة لذلك تشاهد العلماء الحقيقين يرون انفسهم لايفهمون شيئا!
 ومن هنا فهناك افراط وتفريط فبعض الناس يريد ان يعرف كل شيء وثمة اخرين في تفريط لايستثيرهم شيء بل يستنكف الكثير منهم من السؤال والحالة الوسط هي ان يتبين المرء ماينبغي عليه تعلمه لضرورته اليه وما يعسر عليه يضع الأسئلة ويرجع بها الى أهلها مع تقديم الأهم على المهم بلا لغو او جدال (لاخير في كثير من نجواهم الا من امر بصدقة او معروف او اصلاح بين الناس) (النساء 114)
ثم بعد ذلك ينبغي الجد (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) (العنكبوت 69)
5.من طبيعة الانسان ان يشعر بالملل من الرتابة ويميل الى التنوع والتجديد وما ان يناله حتى يخبو شوقه ورغبته ويبرد تدريجيا بل قد قد ينفر منه!
يرى البعض ان التملك مقبرة الحب الإنسانية فالانسان يهفو نحو مالايملكه وبوسائل متنوعه , في حين يرى اخرون رايا اعمق وهي ان الانسان بتعلقه هذا انما يعتقد انه هو الحبيب والمعشوق الذي يبحث عنه في قرارة نفسه فيجد ويجتهد حتى يحصل عليه فيجده غيره فينفر منه : (فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين , فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون , إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين) (الانعام 77)
ويبقى الانسان بهذا التيه حتى يجد ضالته (الا بذكر الله تطمئن القلوب) (الرعد 28)
وقد روعي هذا التنوع إسلاميا فقد خصص لكل شيء ربيعا ومنها مثلا في الحديث (لكل شيء ربيع وربيع القران شهر رمضان) ويقول علي (ع): (تعلموا القران فانه ربيع القلوب).
6.يشير القران الى هذه الحقيقة (وترى الأرض هامدة فاذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وانبتت من كل زوج بهيج، ذلك بان الله هو الحق وانه يحيي الموتى وانه على كل شيء قدير) (الحج 5)
7.ان للعلم مراحل ثلاث فعندما يبلغ المرء المرحلة الأولى يركبه الغرور والتكبر ويرى انه الاعلم في المسائل التي ادركها وهذه مرحلة رؤية العلم والذات وعند وصوله الى المرحلة الثانية تزداد معلوماته وتتجلى له عظمة ودقة ماحوله فيستصغر نفسه وعلمه امام العظماء فياخذه التواضع وينتقل من رؤية العلم الى رؤية العالم وهكذا حتى يضع قدمه على اعتاب المرحلة الثالثة وفيها يعلم انه لايعلم وهذه مرحلة الحيرة والاندهاش وعندها يعلم ان مقاييسه لا تصلح الا لمحيطه ولايقاس العالم العظيم بها!
8.كما ان الانسان يغتر بالمال (يحسب ان ماله اخلده) (الهمزة 3) او بالجاه والمقام (انا ربكم الأعلى) كذلك العلم الناقص قد يودي بصاحبه الى واد سحيق وهو يختلف عن غيره فغرور المال بالكثرة ولكنه في العلم بنقصه مما يؤدي الى ظهور البدع وانكار الحقائق!
9.هناك مشكلتان بهذا الصدد الأولى هي التصديق بمن هب ودب والثانية هي الإفتاء الجيبي والله الساتر منهما!
10.يجب ان يسود مبدء التخصص الدقيق وهذه مشكله كبيرة خصوصا اذا كان المتدين طرفا فيها سلبا او إيجابا!
11.هناك مقولة تقول (الأشياء تعرف باضدادها) طبعا هذه المعرفة ليست هي المعرفة المنطقية ولا الضد هنا النقيض لانه في المنطق لايمكن تعريف الشيء عن طريق ضده ولكن هنا المقصود المقابل والمعرفة هنا هي ادراك الشيء فمثلا النور والظلام فلو لم يكن هناك ظلام كل الأوقات لما عرفنا النور نفسه وهذا الخلل فينا نحن لا في النور فالنور موجود سواء وجد الظلام ام لا ولكننا عرفناه بضده بافوله ومجيئه وهذا قصور فينا .
ومن هنا يفقد الأغنياء لذه حياتهم كما ويفقد الفقراء صعوبة معاناتهم وهذا بسبب الاعتياد على نوع رتيب .
وهكذا أيضا العلم والجهل فلو افترضنا عدم وجود الجهل لكان الانسان يعرف كل شيء ولكنه لايعرف اهميه هذا العلم ولكن لما ظهر الجهل بانت حقيقة العلم والعلماء وظهر الطامحون حقا والمخلصون صدقا!
وهناك مثل جميل يقال ان السمكة التي لم تخرج يوما من الماء ولم تر شيئا غير الماء تتسائل ماهو الماء وأين يوجد اين هو سر الحياة وراحت تتسائل حتى صادها الصياد ووقعت خارج الماء وضاق النفس عندها عرفت الماء!
Unknown Web Developer

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق